قررت محكمة التعقيب قبول مطلب نقض القرار المطعون فيه والقاضي في الطور الابتدائي بعدم سماع الدعوى ، حيث تفيد وقائع القضية الثابتة بالقرار المطعون فيه قيام الطاعن على زوجته المعقب ضدها طالبا الحكم بايقاع الطلاق بينهما بموجب اضرارها به المتمثل في امتناعها في الانتقال معه بالسكنى من مدينة المنستير الى بلدة بلطة.يعرف هذا القرار الشهير بقرار "بلطة" نسبة إلى اسم القرية التي نقل إليه الزوج (وهو معلم) بعد أن كان في المنستير فنشب نزاع بينه وبين زوجته التي تعمل في روضة أطفال بالمنستير ، لأنها رفضت الإلتحاق به بعلة أنه لا يوجد في تلك القرية روضة أطفال حتى تعمل فيها ولقد آعتبرت محكمة التعقيب أن الزوجة مخطئة في عدم إلتحاقها ببلطة وأنه كان عليها أن لا تتشبث بعملها إذ أن واجب المساكنة المحمول عليها أهم من عملها. وحسب عبارة محكمة التعقيب فإن:"امتناع الزوجة من مساكنة زوجها متعللة بقيامها بشغلها يشكل إخلالا بواجباتها الزوجية المفروضة عليها بالفصل23 من م.أ.ش". لكن محكمة التعقيب في قرارات آخرى منحت القضاء حق الرقابة على إختيار محل الزوجية من لدن الزوج وآعتبار أن ذلك الحق ليس مطلقا .وبالنسبة لسلطة الزوج في اختيار مكان السكن سبق لفقه القضاء أن نظر في هذا النوع من المشاكل المتأتية من رفض الزوجة الإلتحاق بمحل الزوجية بتعلة أن ذلك المحل يوجد في بلد يتنافى مع مصلحتها أو مصلحة الأبناء ، وقد آختلفت الحلول بآختلاف الحالات. ويمكن القول أن فقه القضاء في مجال قانون الأسرة عموما وفيما يخص واجب المساكنة تحديدا تتجاذبه نزعتان، نزعة تقليدية تكبل مواكبته للتطور الاجتماعي والتشريعي، ونزعة تحررية تسمح له بأن يكون أكثر مرونة وحيوية ومجاراة للواقعين الاجتماعي والتشريعي الساعيين نحو التحرر من مرسبات قواعد فقهية وضعت لزمان غير زماننا.